الأعرف - رواية - الفصل الثاني - +١٨

  • 4



صرير أخشاب.. آنين صامت.. أيادي ترتجف..
لم تكن مرتهما الأولى، ولم تكن الأخيرة.. فقد كان وقتهما خلف ذاك الباب سوياَ إدمانهما الخفي..وعلى الرغم من أن الندم والاستغفار حليفهما كل مرة.. فقد كان كلاهما ينتظر المرة التالية بفارغ الصبر..
كان كلاهما يلهث لتلك الساعة بالاسابيع في صمت.. يناطحه الاحساس بالذنب تارة.. والسعي الى الفضيلة تارة أخرى.. حتى يثور أحدهما طلبا للاخر في وسط لقاء أو محادثة تليفونية.. ولكن سرعان ما يرد الطرف الاخر بالرفض..
غانما إما المزيد من الالحاح أو لقب أيقونة الفضيلة في أوقات أخرى.. وإن أخذت المُلح كرامته وأمتنع..  لم يكف الاخر عن سباب نفسه حتى لقائهما التالي.. لائما نفسه على تلك الفرصة الذهبية التي أضاعها بغبائه..
ورغم ذلك فقد كان أحيانا ما يلتقي ظمأهما.. فيسرعان الى ذلك البيت في أطراف المدينة.. بعيدا عن الانظار.. وبعيدا عن اللوم الذي ولربما كان سيصيبهما إن مر أحدهما بجوار ذلك الملتقى إذا توسط المدينة ..
-        "المفتاح مبيفتحش ولا ايه ؟" همست ريم بصوت لم يكن منخفض بالمرة وهما أمام الباب..
فلم يكن الخوف من شيمهما خلال تلك الساعة.. وكان أيضا هذا هو آخر صوت ستسمعه منذ أن يغلق هذا الباب خلفهما.. فقد كانوا يعشقوا الصمت.. أو ربما كانوا يستحون من الكلام.. وربما كان صوت أنين شهواتهما يعتلي أصوات أفواههم..
كانت ريم رائعة الجمال،  لم تنال انوثتها من النحافة ما ناله عودها ، ولم ينال من الحمرة جبينها ما نالته شفتاها..
عيناها أجمل ما رأيت من اللؤلؤ الأسود ينتصفه حلقة رمادية يفتن بها كل من يراها.. لذا كانت تتعمد انزال خمار رأسها بزاوية حادة.. معتقدة أن ذلك يخفيهما ويبعد عنها الأنظار ، الا انه لم يزيدهما الا غموضا وسحرا..
نعم انها ريم، ذات الفتاة البريئة التي كانت عليها منذ ثمان سنوات مضت، ثلثي القرآن ذاته الذي تعيه وتحفظه عن ظهر قلب..
ذلك الستار الذي يستعيد مكانه بسرعة البرق منذ أربعة سنوات عندما كانت في الصف الثالث الثانوي بعد ما وجه نظره اليها في المسجد.. الفتاة ذاتها .. أسمها ريم..
في بعض المرات تبلغ شهوتهما ذروتها.. فلا تلبث المداعبة طويلا حتى تجد كلاهما مجردين الثياب في وضعية جديدة أشد اثارة من المرة التي قبلها.. كانوا سريعي البديهة والتعلم.. فأبدعوا فيما يفعلوه وعرفوا ما لم يدرك بوجوده العامة..
ولكن تلك المرة كانت هادئة مثل أمواج بحر ربيعي .. تفوح رائحة زهوره من شعرها المسدول وقد استقرت أطرافه على كتفها لترسم تاج يزين رقبتها .. كانت جميلة كما لم تكن من قبل..
أستأذن ليحكم اغلاق الستائر والنوافذ وأعد شموع اللافندر.. ثم استدار فرآها تنظر إليه بتلك العينين الواسعتين.. يملؤهما الرغبة الهادئة والضعف في نفس الوقت.. أغلقت جفنيها فظهر كيف رُسم جفنيها بكمال.. كانت لوحة لا يضاهيها جمال..
تلك اللحظة يتباطئ الزمن نتيجة أفراز الاندورفينات والفيرمونات بداخلهما .. ظلا يقتربان حتى التحمت شفاههما .. تحتوي شفتيه شفتها العلوية.. مذاق لا يماثله أي شيئ آخر.. ثم يتبادلا الموضع فتلتهم شفتيه العلوية .. في تلك اللحظة يشعر كلاهما أن روحهما تتحد مع روح الآخر .. وعلى رغم الصمت .. فعبر القبلات يتكلمون في الكثير والكثير.. فقبلة تعني اعتذار .. وأخرى تعني "اطمئن" .. وأخرى "أنا ملكك للأبد".
يحملها برفق من خصرها ويستقر أعلاها على ذلك السرير الخشبي .. ثم يقبل رقبتها برفق.. فتبادله بقبلة في أسفل خده الايسر ثم بوحشية وبسرعة الفهد تقلبه ويبادلوا المواضع فتكون أعلاه .. ثم تلتهم حلمة أذنيه بين شفتيها وتداعبها بلسانها.. تلك الخدعة التي يعرفها القليلون جدا .. لا يضاهي الشعور بها أي شيئ أخر في عالم النشوة.. فتجعله ينتفض من المتعة..
تنسحب إلى الخلف لتصل يدها إلى مفتاح حمالة صدرها ببطئ..
-        *طق.. طق... طق*.. ذلك الطرق المفزع على باب البيت بصوت أعتلى صوت مئذنة الجامع المجاور حين آذن لصلاة المغرب والعشاء وهما في نفس الموضع..
-        *همهمات بنفس مستوى الصوت بالخارج* ..
أرتعد كلاهما حتى كاد يبلع لسانه من الخوف وكأنه يريد الافاقة من حلم ليجد كأن شيئ لم يكن .. المئات من الخواطر تشغل باله في ذلك الجزء من الثانية .. ماذا فعل بنفسه ؟ وماذا فعل بتلك البنت البريئة ؟ أم ماذا فعلت هي به ؟ وماذا سيكون رد فعل الأهل حين يعلمون بذلك .. أستبدل الأدرينالين الاندورفينس في عروقه .. وبلغت نبضات قلبه سرعة الضوء.. كانت تؤلمه كل دقة قلب يتحرك فيها قلبه بعض السنتيميترات من مكانه خوفا..
-        "ماهو النور مفتوح من تحت!" بدأ الصوت يتضح ..
-        *طق .. طق .. طق ..* بصوت أعلى تسمع فيه هزات مفاصل الباب ..
نهاية الفصل الثاني..

4 comments :

  1. (Y) 7aga keda esta3'for allah el3azeem

    ReplyDelete
  2. اظن انك قريت شوية لأحمد مراد؟ نفس الأسلوب .... ونفس الايحاءات ونفس طريقة الوصف للعلاقات الحميمية :)

    ReplyDelete
    Replies
    1. لاء الحقيقة مقرتش ليه خالص .. :)
      بس حاططه في اللستة يعني :)

      Delete